الشاعر و صورة الكمال
لعبد الرحمن شكري..
[/size]الفكرة الأولى (1 - 3)
" تعلق بالجمال و طموح نحو الإبداع "
1 - قَدْ حَدَّثوا عَنْ شَاعِرٍ نَابِغٍ ******** مُجَوِّدِ الشِّعْرِ شَرِيفِ المَقَالِ
اللغويات :
- نابغ : بارع ، نابه ج نوابغ - مُجَوِّدِ: مجيد - شَرِيفِ المَقَالِ: أي شعره رائع.
الشـرح :
يروي شاعرنا قصة شاعر بارع كَثُر حديث الشعراء عنه وعن براعته في صياغة الشعر كما أن معانيه سامية تبحث عن المُـثل العليا التي فيها الكمال
التذوق :
¶ [قَدْ حَدَّثوا عَنْ شَاعِرٍ] : أسلوب مؤكد بقد ، وجاءت شاعر نكرة للتعظيم .
¶[شَرِيفِ المَقَالِ] : كناية عن نبل غايته وسمو هدفه في الحياة .
2 - لَمْ يَعْشَقِ الغِيدَ ولكنَّه ******** هامَ ببِكْرٍ من بناتِ الخيالِ
اللغويات :
¶ يعشق : يحب ، يتعلق قلبه بشدة × يكره - الغِيد : م غَيْداء، وهي المرأة الجميلة - هام : أحب وتعلق مادتها (هيم) - البكر : العذراء ج أبكار × ثَيِّب - بنات الخيال : كناية عن الشعر وأفكاره .
الشـرح :
إنه شاعر طموح لم يغرم قلبه بعشق الفتيات الحسان الصغيرات ، ولكن قلبه عاشق للشعر الجميل و لكل معنى مبتكر لم يأتِ به أحد من قبل .
س1 : يرى النقاد أن مطلع هذا النص ليس بجديد .... فلماذا؟
جـ : مطلع النص ليس جديدا، فقد سبقه إلى ذلك كثير من الشعراء منهم الكميت في قوله: طَرَبْتُ ومَا شَوْقَاً إلى البيضِ أطْرَبُ ******** ولا لَعِباً مِني، وذُو الشَّيب يلعبُ؟
فالمعنى واحد فكلاهما لا يعشق الحسناوات بل القيم المثالية متمثلة في أهل الفضائل عند الكميت.
التذوق :
¶ [لم يعشق الغيد] : كناية عن مثالية عالمه وسمو هدفه في الحياة .
¶ [الغيد] : تدل على الجمال ، لذلك فهي أجمل من كلمة الفتيات .
¶ [لكنّه] : استدراك لتصحيح الفهم ؛ ليبين أن عدم تعلقه بالجميلات ليس لمرض أو نقص فيه ، بل ليثبت تعلقه بما هو أحب إليه بنات الخيال (الشعر) .
¶ [هام ببكر من بنات الخيال] : استعارة مكنية ، تصور المعاني المبتكرة بعذراء يعشقها.
¶ [بنات الخيال] : كناية عن الشعر ، وسر جمال الكناية - دائماً - هو : الإتيان بالمعنى مصحوبا بالدليل عليه في إيجاز وتجسيم.
¶ [بنات الخيال] : استعارة مكنية ، تصور الخيال بأب له بنات ، وسر جمالها التشخيص، وتوحي بقوة الموهبة الأدبية.
¶ [لم يعشق - هام] : محسن بديعي / طباق سلب يبرز المعنى و يوضحه ويعقد موازنة بين عشق الجمال الحسي الأنثوي والجمال الأدبي المعنوي .
¶ أسلوب البيت الأول والثاني : خبري لبيان حب الشاعر للصور المثالية .
3 - صورةُ حُسْنٍ صاغَها لُبُّهُ ******** وحَدُّها في الحُسْنِ حَدُّ الكَمالِ
اللغويات :
¶ حُسْنٍ : جمال × قبح ج محاسن - صاغها : صورّها، صنعها ، والمقصود تخيّلها - لبّه : عقله ج ألباب - حدّها : تعريفها ج حدود - حدّ الكمال : منتهى الكمال وغايته وقمته .
الشـرح :
وقد رسم عقله و صاغ صورة مثالية جميلة للعالم الكامل (الذي يتخيله) بلغت في جمالها قمة الحسن والكمال.
س1 : مما أخذته "مدرسة أبوللو" على " جماعة الديوان" مبالغاتهم في الذهنية الجافة. علل ومثل له من الأبيات.
جـ : سبب هذه المبالغات أن الشعر لدى جماعة الديوان تعبير عن النفس الإنسانية ، وما يتصل بها من التأملات الفكرية والنظرات الفلسفية ، كما أنهم اهتموا بتعميق الظواهر والوصول إلى جوهرها مما جعل الفكر يسبق الشعور عندهم. ومثال ذلك من الأبيات قول الشاعر: ( وحذّها في الحسن حد الكمال).
التذوق :
¶ [صورة ] : جاءت نكرة للتعظيم ولشدة مثاليتها وحسنها - وفيها إيجاز بحذف المبتدأ لإثارة الذهن والتركيز على تلك الصورة المتخيلة .
¶ [صاغها لبّه] : استعارة مكنية فقد صور لبه "عقله" بفنان أو صائغ رسم هذه الصورة وسر جمالها” التشخيص “ وتوحي بروعة جمال تلك الصورة وارتفاع قيمتها .
س 1: أيهما أجمل : (صاغها - صنعها) ؟ ولماذا ؟
جـ : صاغها أجمل ؛ لأنها توحي بالدقة والإتقان في صنع الصورة المثالية .
س 2: [ لبّه - قلبه] أي الكلمتين أفضل في هذا البيت ؟ ولماذا ؟
جـ : لبّه : أجمل لدلالتها على أثر العقل في الصياغة والدقة ، أما القلب : فاتصاله بالعاطفة أقوى ، وإن كان الأدباء يستعملونهما بمعنى واحد .
¶ [حدّ - وحدّ] : محسن بديعي / جناس تام ، يعطي جرساً موسيقياً ويثير الذهن .
الفكرة الثانية من (4 - " محاولة وسعي نحو الكمال "
4 - فَصَارَ كَالطِّفل رَأَى بَارقاً******** هَاجَ لَهُ أَطْمَاعهُ في المُحَالِ
اللغويات :
¶ بارقا : شيئاً لامعاً ج بوارق - هاج أطماعه : أثار و حرّك آماله - المُحال : المستحيل × الممكن .
الشـرح :
أصبح الشاعر العاشق للمثالية والكمال كالطفل الذي يشد انتباهه شيء لامع ، فتحركت نفسه إليه ورغبت في امتلاكه ، فمد إليه يده ليناله ولكنه مستحيل الحصول عليه و الوصول إليه في هذه الحياة.
التذوق :
¶ [صار كالطفل] : تشبيه للشاعر بالطفل للتوضيح ، ويدل على الطهر والبراءة ، كما أن الأطفال أكثر تعلقاً بالخيال .
¶ [هاج أطماعه] : استعارة مكنية ، تصور الأطماع كائنا حيا يتحرك ، وسر جمالها التجسيم ، وتوحي بشدة الرغبة والأمل .
¶ [أطماعه - المحال] : محسن بديعي / طباق سلب يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
¶ [فصار] : "الفاء" في أول البيت للترتيب والتعقيب ، وهذا يدل على سرعة استجابته لطموحه ، ودوافعه النفسية .
¶ أسلوب البيت خبري للوصف والسرد .
5 - يَمُدُّ نحوَ النَّجْمِ كَفًّا به******** ويَحْسَبُ النَّجْمَ قريبَ المَنالْ
اللغويات :
¶ نحو : جهة ج أنحاء - النجم : أي أمله المتخيل ج نجوم ، أنجم ، نجم - الكف : راحة اليد ج كفوف ، أكف - يحسب : يظن ، يخال - المنال : الحصول ، الوصول إليه .
الشـرح :
فهو في هذا البحث عن الكمال المثالي كالطفل الذي يمد يده عندما يرى النجم (أمله) لامعًا فيظنه قريبًا يسهل الحصول عليه والإمساك به .
التذوق :
¶ [يمد] : استعمال المضارع « يمد" يفيد التجدد وتتابع المحاولة .
¶ [النجم] : س / ص فقد شبه الأمل الواضح من بعيد بالنجم العالي اللامع ، وسر جمالها التجسيم ، وتوحي بالطموح ، وسمو الهدف .
¶ [كفاً ] : مجاز مرسل عن اليد علاقته : الجزئية .
6 - فأَيْنَما سَارَ تَراءَتْ له******** كما تَراءَى خادِعًا لَمْعُ آلْ
اللغويات :
¶ تراءت : ظهرت × اختفت - لَمْعُ: بريق ولمعان - الآل : السراب .
الشـرح :
وكلما تقدم ظهرت له آماله قريبة فيزداد تعلقه بها وسعيه لينالها ، لكنه لا يدركها ؛ فهي كالسراب الخادع الذي يتخيله الظمآن في الصحراء ماءً حتى إذا وصل إليه لم يجده إلا وهماً .
التذوق :
¶ [فأينما سار تراءت له] : أسلوب شرط أداته " أينما " الدالة على شمول كل الأماكن ، فهو متعلق بأمله أينما وجد.
¶ [تراءت له كما تراءى خادعا لمع آل] : تشبيه تمثيلي ، فقد شبه حال الآمال الخادعة بصورة السراب الذي يظهر للظمآن في الصحراء ، فيجرى وراءه ، حتى إذا جاءه لم يجده إلا وهماً ، وسر جماله التجسيم ، ويوحي بالضياع .
س1 : تأثر الشاعر في هذا البيت بأسلوب القرآن الكريم .. وضح ذلك واذكر دلالته .
جـ : تأثر الشاعر في هذه الأبيات بالقرآن الكريم في قوله تعالى أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً) (النور: من الآية39) ، وهذا يدل على أن التراث من عناصر تكوين الأديب ، وهذا يخالف آراء مدرسة الديوان .
¶ [خادعا لمع آل] : تقديم الحال" خادعا " على صاحبها " لمع آل" للتنبيه
¶ أسلوب البيت خبري للوصف. 7 - فسارَ يَقْفو إِثْرَها هائِمًا******** والمُهتَدِي بالوَهْمِ جَمُّ الضلالْ
اللغويات :
¶ يقفو : يتتبع ويتجه× يتخلف - إثرها : وراءها ، عقبها - هائماً : منطلقاً على وجهه لا يدرى أين يذهب ، عاشقاً ج هيّام ، هيّم - المهتدي : المسترشد × الضال- الوهم : الظن والخطأ × اليقين - جمّ : كثير × قليل ج جمام ، جموم- الضلال : الغواية × الرشاد ، الهدى .
الشـرح :
فمضى مندفعًا خلفها هائمًا على وجهه وراءها ، متوهمًا أنه سيدركها(آماله) دون جدوى ، فالذي يجري وراء الوهم مخدوع يعيش بعيداً عن الحقيقة .
التذوق :
¶ [يقفو إثرها] : استعارة مكنية ، تصور الآمال مرشدا يسير الشاعر خلفه ، وسر جمالها التشخيص .
¶ [المهتدى بالوهم] : استعارة مكنية ، تصور الوهم إنسانا يرشد ويهدي ، وسر جمالها التشخيص .
¶ [المهتدى - والضلال] : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
¶ [فسار] : الفاء للترتيب والتعقيب ، وتفيد استمرار المحاولة .
¶ [يقفو] : مضارع يفيد التجدد ، ويوحي بتجدد الأمل .
¶ [هائما] : حال لبيان شدة تعلقه بالآمال .
¶ [والمهتدى بالوهم جمّ الضلال] : الواو للاستئناف والجملة خبرية تجرى مجرى الحكمة (إطناب بالتذييل ).
نقد : يؤخذ على الشاعر تكرار حرف الهاء في البيت السابع بشكل واضح مما أثقل من جرس الكلمات وهذا يتنافى مع سلاسة الشعر.
8 - وَهَمَّ أَنْ يُمْسِكَها جاهِدًا******** بينَ ذراعَيْهِ بأَيْدٍ عجال
اللغويات :
¶ همّ : حاول ، عزم - يمسكها: يلتقطها × يتركها- جاهدًا : مجتهدًا - عِجال : مسرعة م عَجْلَى × بطيئة .
الشـرح :
وعزم على أن يمسكها(الأمال) وضاعف الجهد ؛ لكي يلتقطها بين يديه المتلهفتين المشتاقتين ، ولكنها تنفلت من بين يديه سريعاً..
التذوق :
¶ [وهمّ أن يمسكها جاهدا] : استعارة مكنية ، تصور الآمال شيئا ماديا .
¶ [بين ذراعيه] : امتداد للخيال وتأكيد لحرصه على هذه الآمال .
¶ [جاهدًا] : حال تبين اجتهاده وحرصه على نيل الآمال .
¶ [عجال] : وصف يدل على شدة الحرص .
س1 : رسم الشاعر في الأبيات (4 - لوحة كلية. وضح .
جـ : رسم الشاعر في الأبيات لوحة كلية تصور الشاعر كالطفل و هو يسعى خلف النجم اللامع و يحاول أن يمسك به
- أجزاؤها : الطفل - النجم - السراب .
- خطوطها الفنية " أطرافها " : (صوت) نسمعه في (هاج) و (لون) نراه (في بارقاً - النجم) و(حركة) نحسها في (يمد - يمسكها). وقد وفق الشاعر في رسم هذه اللوحة ؛ لأنها اجتمعت لها الأجزاء و تآلفت فيها الأطراف ، واستطاعت أن توضح الفكرة و تنقل الإحساس .
الفكرة الأخيرة (9 -10)
" تضحية بالنفس في سبيل الآمال "
9 - مازالَ يعدو جُهْدَه نحوَها******** حتَّى هَوَى من فوقِ تلكَ التِّلال
اللغويات :
¶يعدو : يجرى بسرعة - جهده : قدر طاقته - هوى : سقط - التّلال : المرتفعات م تل .
الشـرح :
ويواصل سعيه خلف الأماني الخادعة ، ويستمر في جريه نحوها مشغولاً بها ؛ حتى يقتله اليأس و الفشل فيسقط في تحقيق أمانيه المثالية العالية كمن يهوى من فوق المرتفعات قتيلاً .
التذوق :
¶ [مازال يعدو] : كناية عن تجدد و استمرار المحاولة والرغبة الملحة في الوصول إلى الهدف .
¶[جهده] : حال لبيان بذله لأقصى طاقته .
¶[تلك التّلال] : س / ص ، تصور الآمال مرتفعات وفيها تجسيم، وفيها إيحاء بسموّ الهدف .
¶[تلك] : اسم إشارة للبعيد يدل على ارتفاع تلك الغاية التي يريدها الشاعر
¶[التلال] : غير ملائمة للمعنى فهي مجلوبة للقافية ، لأن التل في اللغة لا يدل على ارتفاع كبير، فالتل أقل ارتفاعاً من الجبل.
س : أيهما أدق ؟ ولماذا؟ ( هوى من فوق تلك التلال - هوى من فوق تلك الجبال )؟
-: الأدق : التعبير الثاني لأن الجبال أعلى من التلال ولذلك فإنها تتناسب مع كلمة " هوى" .
¶[هوى من فوق تلك التلال] : كناية عن الفشل .
¶أسلوب البيت خبري للحسرة .
10 - فرَحْمَةُ اللهِ على شاعِرٍ******** ماتَ قتيلاً للأمانيِّ الطِّوال
اللغويات :
¶ الأماني : الآمال ، الرغبات م أمنية - الطّوال : الرفيعة العالية م طويلة.
الشـرح :
فرحمة الله علي هذا الشاعر؛ الذي مات ضحية البحث عن الأماني البعيدة المثالية والأهداف السامية صعبة المنال .
س1 : بم تعلق على هذه النهاية المأساوية للشاعر ؟
جـ : أرى أنها نهاية يائسة قاتلة للآمال ، وكان الأجمل أن يتركه يعيش باحثًا عن آماله ، ولكنها طبيعة مدرسة الديوان (اليأس والتشاؤم ) .
التذوق :
س 1: ما نوع الأسلوب في البيت الأخير ؟ وما غرضه ؟
جـ : الأسلوب في البيت الأخير خبري لفظاً إنشائي معنى غرضه: الدعاء .
¶[مات قتيلا] : استعارة مكنية تصور الشاعر في فشله إنسانا قتيلا .
س2 : أيهما أجمل : (مات شهيدًا) ، أم (قتيلاً) ؟ ولماذا ؟
جـ :مات "شهيدًا " أجمل للدلالة علي أنه ضحّى بنفسه في سبيل هدف نبيل سامٍ ، بينما قتيلاً توحي بالغدر .
¶[للأماني الطوال] : استعارة مكنية تصور الأماني نجوما رفيعة عالية وفيها تجسيم
¶ [فرحمة] : " الفاء" للترتيب والتعقيب. وذلك يدل على سرعة التأثر بهذا الموقف، والمبادرة بطلب الرحمة للشاعر القتيل.
¶ علاقة البيت الأخير بما قبله : نتيجة .
التعليق :
]اللون الأدبي
الثاني 2005
- فسارَ يَقْفو إِثْرَها هائِمًا ******** والمُهتَدِي بالوَهْمِ جَمُّ الضـلالْ
- وَهَمَّ أَنْ يُمْسِكَها جاهِدًا ******** بينَ ذراعَيْهِ بأَيْدٍ عجــــال
- مازالَ يعدو جُهْدَه نحوَها******** حتَّى هَوَى من فوقِ تلكَ التِّلال
- فرَحْمَةُ اللهِ على شـاعِرٍ******** ماتَ قتيلاً للأمانيِّ الطِّــوال
(أ) - في ضوء فهمك معاني الكلمات في سياقها أجب :
- مرادف " هم " : (بدء - درأ - ذرأ) .
- مضاد " هوى " : (انتفع - امتقع - ارتفع) .
(ب) - يرى الشاعر أن الوصول إلى آماله بعيد المنال و تكتنفه الصعاب . كيف عبر عن ذلك ؟
(جـ) - " مات قتيلا للأماني " وضح هذه الصورة . مبينا نوعها و قيمتها الفنبة